أعراض تحرش الأطفال وكيفية اكتشافها

الأعراض التي تشير إلى تعرّض طفلك للتحرش الجنسي: كيف تكتشفها وتتعامل معها

تعد حماية الأطفال من جميع أشكال الأذى، بما في ذلك التحرش الجنسي، من أهم أولويات كل أسرة ومجتمع. ورغم أن الأطفال قد لا يتمكنون من التعبير عن ما يتعرضون له من انتهاكات بوضوح، إلا أن هناك علامات وأعراضاً قد تكشف عن تعرضهم للتحرش الجنسي. لا ينبغي إغفال هذه الأعراض، لأن التعامل السريع مع هذه الحالة يمكن أن يحد من الأضرار النفسية والجسدية على المدى البعيد. في هذا المقال، سنتناول الأعراض الأكثر شيوعاً التي تشير إلى تعرض الطفل للتحرش الجنسي، وأهمية التفاعل معها بحذر ووعي.

أولاً: الأعراض الجسدية

من الممكن أن تظهر بعض الأعراض الجسدية التي تشير إلى تعرض الطفل للتحرش الجنسي، إلا أن هذه الأعراض قد تكون غير واضحة في البداية، وقد تُعزى إلى أسباب أخرى. لكن إذا لوحظت هذه الأعراض في سياق سلوك غير معتاد من الطفل، فقد تكون مؤشرًا على وجود مشكلة أكبر.

1. إصابات أو تهيجات في الأعضاء التناسلية: قد يظهر على الطفل علامات تهيج أو إصابات غير مبررة في منطقة الأعضاء التناسلية، مثل الحكة أو الاحمرار أو الكدمات. قد يشعر الطفل بألم عند التبول أو أثناء الاستحمام.

2. أمراض جلدية أو التهابات: في بعض الأحيان، قد تظهر التهابات أو أمراض جلدية في مناطق حساسة من الجسم، مثل الفخذين أو الأعضاء التناسلية. هذه الإصابات قد تكون نتيجة للمس غير اللائق أو الاتصال الجنسي غير الآمن.

3. التهابات متكررة في المسالك البولية: الأطفال الذين يتعرضون للتحرش الجنسي قد يعانون من التهابات المسالك البولية المتكررة، نتيجة للعبث بالأعضاء التناسلية أو ملامستها بشكل مفرط وغير صحي.

4. صعوبة في المشي أو الجلوس: في بعض الحالات، قد يعاني الطفل من صعوبة في الجلوس أو المشي بسبب الألم في المنطقة التناسلية، وهو أمر يجب عدم تجاهله.

ثانياً: الأعراض النفسية والسلوكية

عند تعرض الطفل للتحرش الجنسي، غالباً ما يواجه تغييرات كبيرة في سلوكه وعواطفه. هذه التغييرات يمكن أن تكون مؤشراً مهماً للآباء والأمهات حول ما قد يمر به الطفل. في معظم الحالات، يعبر الأطفال عن أنفسهم بطرق غير مباشرة قد تكون صعبة الفهم للبالغين، ولكن هناك علامات يجب مراقبتها.

1. الانسحاب الاجتماعي: قد يظهر على الطفل تغير في سلوكه الاجتماعي، مثل الابتعاد عن الأصدقاء والعائلة. قد يصبح الطفل أكثر انطوائية ويعزل نفسه عن الآخرين بشكل مفاجئ.

2. الكوابيس والقلق: من الشائع أن يعاني الطفل من اضطرابات في النوم مثل الكوابيس المستمرة، حيث يظهر الطفل قلقاً وتوتراً غير مفسر. قد يستيقظ الطفل مفزوعاً من النوم، أو يرفض النوم بمفرده.

3. التغيرات في السلوك الجنسي: في بعض الأحيان، قد يظهر على الطفل سلوك غير مناسب لعمره في ما يتعلق بالجنس، مثل إجراء محاكاة لأفعال جنسية أو الحديث عن مواضيع جنسية دون وجود تفسير مناسب لهذا الاهتمام. قد يقوم الطفل بمحاولة لمس الآخرين بطريقة غير لائقة، أو يظهر فضولاً مفرطاً حول الأعضاء التناسلية.

4. الخوف من أشخاص معينين أو أماكن معينة: قد يبدأ الطفل في إظهار خوف غير مبرر تجاه شخص بالغ أو مكان محدد. هذا قد يشير إلى أن الطفل قد تعرض للتحرش من قبل شخص يعرفه أو في مكان محدد.

5. التغيرات في المزاج: الأطفال الذين تعرضوا للتحرش الجنسي قد يظهرون تقلبات حادة في المزاج مثل الغضب المفاجئ، الشعور بالذنب، أو الحزن العميق. قد يتصرف الطفل بشكل عدواني تجاه الأشخاص من حوله، أو يصبح أكثر حساسية تجاه أي نقد.

6. صعوبة في التعبير عن المشاعر: قد يشعر الطفل بالحيرة وعدم القدرة على التعبير عن مشاعره بسبب الضغط النفسي الذي يعانيه، مما يسبب له اضطرابًا عاطفيًا.

7. الانعزال عن النشاطات المفضلة: قد يتوقف الطفل عن المشاركة في الأنشطة التي كان يحبها سابقًا، مثل الرياضة أو اللعب مع الأصدقاء. وقد يشعر الطفل باللامبالاة تجاه أمور كانت تجلب له السعادة في الماضي.

ثالثاً: الأعراض التعليمية والسلوكية

قد تكون هناك بعض المؤشرات التي تظهر في سلوك الطفل في المدرسة أو مع أقرانه قد تكون مرتبطة بالتعرض للتحرش الجنسي. في هذه الحالة، يتوجب على الآباء والمعلمين توخي الحذر والانتباه لأي تغييرات غير طبيعية.

1. التراجع في الأداء الأكاديمي: الأطفال الذين يعانون من صدمات نفسية مثل التحرش الجنسي قد يواجهون صعوبة في التركيز أثناء الدراسة، مما يؤدي إلى تراجع في أدائهم الأكاديمي. قد يعاني الطفل من انخفاض مفاجئ في درجاته أو فقدان الاهتمام بالمدرسة.

2. تدهور في العلاقات مع الأصدقاء: قد يظهر على الطفل تراجع في علاقاته مع الأصدقاء، حيث يصبح أكثر ترددًا في التفاعل الاجتماعي أو قد يواجه صعوبة في بناء صداقات جديدة. كما قد يعبر عن مشاعر الخوف أو الرفض تجاه الآخرين.

3. التصرفات العدوانية: في بعض الحالات، قد يظهر على الطفل تصرفات عدوانية، مثل الضرب أو السلوك العدائي تجاه الآخرين. قد يكون هذا نتيجة لشعور الطفل باليأس أو التوتر الناجم عن ما مر به.

رابعاً: الأعراض المتأخرة

في بعض الحالات، قد لا تظهر الأعراض فور تعرض الطفل للتحرش الجنسي، بل يمكن أن تظهر لاحقًا مع مرور الوقت، خاصة إذا لم يتم التعامل مع المشكلة بشكل مناسب. قد يعاني الطفل من أعراض متأخرة تشمل:

1. اضطرابات نفسية طويلة الأمد: يمكن أن يواجه الطفل مشاكل في تقدير الذات، القلق المزمن، والاكتئاب. قد تستمر هذه المشاعر لسنوات طويلة بعد الحادثة.

2. الانعزال الاجتماعي المستمر: قد يستمر الطفل في تجنب الأنشطة الاجتماعية أو يصبح أكثر عزلة مع تقدم العمر. قد يصعب على الطفل بناء علاقات صحية في المستقبل نتيجة للآثار النفسية التي خلفها التحرش.

3. مخاوف من التعرض لمواقف مشابهة في المستقبل: قد يعاني الطفل من خوف مستمر من تعرضه للاعتداء مرة أخرى، مما يعرضه لمشاعر متواصلة من الضعف وفقدان الأمان.

4. المشاكل في العلاقات المستقبلية: قد يؤثر التحرش الجنسي الذي تعرض له الطفل في وقت مبكر على قدرته على بناء علاقات صحية في المستقبل. قد يظهر على الطفل صعوبة في الوثوق بالآخرين أو قد يتجنب العلاقات الحميمة بسبب الصدمات النفسية التي مر بها.

كيفية التعامل مع الأعراض

إن التعامل مع الطفل الذي تعرض للتحرش الجنسي يتطلب تضافر جهود الأسرة والمختصين. يجب أن يتضمن التدخل فحصًا دقيقًا للحالة النفسية والجسدية للطفل، بالإضافة إلى توفير بيئة آمنة له لكي يعبر عن نفسه بحرية. يجب على الوالدين تجنب لوم الطفل أو الضغط عليه للتحدث عن تجربته إذا لم يكن مستعدًا لذلك.

من المهم أن يلجأ الوالدان إلى المختصين في العلاج النفسي للأطفال إذا كانت الأعراض تدل على تعرض الطفل للاعتداء الجنسي. يمكن للمختصين تقديم الدعم النفسي للطفل ومساعدته في التعامل مع مشاعره بشكل آمن.

الختام

إن تعرض الأطفال للتحرش الجنسي يشكل تهديدًا كبيرًا على صحتهم النفسية والجسدية، ويجب على الآباء والمربين أن يكونوا يقظين لأي أعراض قد تشير إلى ذلك. من خلال مراقبة التغييرات السلوكية والجسدية في الطفل، يمكن اكتشاف المشكلة في وقت مبكر، مما يساعد على اتخاذ إجراءات مناسبة لحماية الطفل ومساعدته على التعافي.